-15-
لأن الشعب العربي كان يتمنى أن يكون حُـرا كشعر بلقيس
وغير معتقل بالدبابيس
والزنزانات .. والأسلاك الشائكه ..
كشعر بلقيس ..
فقد أمَـرَ السلطان ـ نصره الله على أعدائه ـ
ـ وزاد من عدد مَـحظيّــاتِه ونسائه ـ
بإشعال النار في حقول الحنطه ..
وقطع رأس كل سنبلةٍ تـتكلم مع سنبلة أخرى والتخلص من شعر بلقيس الجامح كحصان أشقر ..
لأنه يُـعَـلِّـمُ الناس الطموح
ويحرضهم على الحريه
-16-
كنت دائما أحس أنها ذاهبه ..
وكان في عينيها دائما
قـلوعٌ تستعـدّ للرحيل ..
وطيارات جاثمة على أهدابها
تستعـد للإقلاع .
وفي حقيبة يدها ـ منذ تزوجتها ـ
كان هناك جواز سفــرٍ .. وتذكرة طيران وتأشيرات دخول إلى بلادٍ لم تزرها ..
وعندما كنت أسألها :
ولماذا تضعين كل هذه الأوراق في حقيبة يدك؟
كانت تجيب :
لأنني على موعـدٍ مع قـوس قزح ...
-17-
بعدما سلموني حقيبة يدها ..
التي عثروا عليها تحت الأنقاض ورأيت جواز السفر ..
وتذكرة الطائره ..
وتأشيرات الدخول ..
عرفت أني لم أتزوج بلقيس الراوي
وإنما تزوجت قوس قزح ...
-18-
في الحفلات العامه ..
كانت تـتحاشى أن تـقـف معي ..
أو تـتصور معي ..
أو تقول للناس : إنها زوجة الشاعر.
أنا الذي كنت أبحث عنها هنا .. وهناك ..
وأطلب من المصورين أن يصوروني معها ..
حتى أدخل التاريخ ..
-19-
عندما كانت تحضر أمسياتي الشعريه كانت هي التي تسرق الأضواء
وأنا الذي ابقى في الظل .
لم تكن تطلب رضى الشعر ..
كان الشعر هو الذي يطلب رضاها...
عندما تموت امرأة جميله ..
تـفـقـد الكرة الأرضية توازنها
ويعلن القمر الحداد لمئة عام
-21-
ويصبح الشِـعر عاطلا عن العمل ..
لم تكن تعترف بأوساط الحلول
حضورها كان اسـتـثـنـائيا ..
وحديثها كان اسـتـثـنـائيا ..
وشعرها الذي كان يسافر في كل الدنيا ..
كان حادثا اسـتـثـنائيا ..
لذلك ..
كان موتها اسـتـثـنائيا مثلها ...
-22-
تزوجتـني .. رغم أنف القبيله
وسافرت معي .. رغم أنف الـقـبـيـلـه ..
وأعطـتـني زيـنـبَ وعُـمَـرْ ..
رغم أنـف الـقـبـيـلـه ..
وعندما كنت أسألها : لماذا ؟
كانت تأخذني كالطفل إلى صدرها وتـتمتم :
" لأنك قبـيلتي .."
-23-
كانت خرافية الألوان .. كفراشه
ورشيقة الطيران .. كفراشه ..
وقصيرة العمر .. كفراشه..
وعندما أحرقوها في يوم 15 ديسمبر 1981
قالت إحصائيات الأمم المتحده
إننا القبيلة الوحيدة في العالم
التي تأكل الفَـرَاشْ ..
-24-
بلقيس الراوي
بلقيس الراوي
بلقيس الراوي
كنتُ أحِبّ إيقاع اسمها ..
وأتمسك برنينه ..
وكنت أخاف أن اُلصِـقَ به كـُـنيَـتي
حتى لا أعكر ماء البحيره ..
واُشوهَ روعة السمـفـونـيه ..
-25-
ما كان لهذه المرأةِ أن تعيش أكثر ..
ولا كانت تـتمنى أن تعيش أكثر
فهي من فصيلة الشموع والقناديل
وهي كاللحظة الشعريه
لا بـدّ لها أن تـنـفجر قبل آخر السطر....
انشاء الله يعجبكم
سي يا