خمس وعشرون وردة في شعر بلقيس
-1- كنت أعرف أنها سوف تــُـقتل ..
وكانت تعرف أنني سوف اُقـتـل ..
وقد تحقـقت النبوءتان ..
سقطت هي كالفراشة ، تحت أنقاض الجاهليه وسقطتُ أنا .. بين أنياب عصر عربي
يفترس القصائد ..
وعيون النساء ..
ووردة الحريه ..
-2- كنت أعرف أنها سوف تـُـقتل ..
وأن أنوثتها لن تشفع لها .
فالأنوثه في هذا الوطن الممتد جـغـرافـيا من البشاعة إلى البشاعه ..
ومن الـقـذ يـفـة إلى الـقـذ يـفـه
ليست ســبـبـا تخـفـيــفـيا
يحمي الحمائم من الذبح ..
ولا تعطي امتيازا للأمهات لكي يكملن إرضاع أطفالهن ..
-3-كنت أعرف أنها سوف تقتل ..
فقد كانت جميلة في عصر عربي قبيح ..
وكانت نقية في عصر عربي ملوث
وكانت نبيلة في عصر الصعاليك .
وكانت لؤلؤة نادرة
بين أكداس اللؤلؤ الصناعي
وكانت امرأة مـتـفرده ..
بين أرتال النساءِ المتشابهات ...
-4-كنت أعرف أنها سوف تقتل ..
ففيها تجسدت حضارة ما بين النهرين
ونحن متخلفون ..
هي مقام بغداديٌّ رائع ..
ونحن لا نسمع ..
هي قصيدة عباسيه ..
ونحن لا نقرأ ..
هي فصلٌ من ملحمة ( جلجامش ) ونحن أميّـون ..
هي أجمل ما كُـتِـبَ من شعر ..
ونحن أردأ ما كـُـتب من نثر ...
-5- كنت أعرف أنها سوف تقتل ..
لأن عـينيها كانـتـا صافيـتـيـن كنهرين من الزمرد ..
وشعرها كان طويلا كموال بغدادي
فأعصاب هذا الوطن ، لا تـتحمل كثافة الـلون الأخضر
ولا تتحمل رؤية لون شجرة نخيل تتجمع في عيني بلـقيس ...
-6-
كنت أعرف أنها سوف تقتل ..
فكلنا ـ دون استثناءٍ ـ موضوعون على قائمة الطعام في هذا الوطن الذي احترف أكل مواطنيه ..
والغريب .. أنهم يطالبوننا قبل أن يأكلونا .. أن نغني النشيد الوطنيّ !!
ونأخذ التحية العسكرية لرئيس المائده وللغارسونات الذين يحيطون به ..
أيُّ نشيدٍ وطنيٍّ ؟, أي وطن ؟..
حين تكون جثة المواطن العربي
مدفونة في مكان ما ..
بين معدة الحاكم العربي ..
وبين مصرانه الغليظ ...
-7-
كنت أعرف انها سوف تقتل ..
فقد كانت مساحة كبرياءها أكبر من مساحة شبه جزيرة العرب
وكانت حضارتها لا تسمح لها أن تعيش في عصر الإنحطاط ..
وكان تركيبها الضوئي ..
لا يسمح لها أن تعيش في العتمه ...
-8-
كانت تعتقد من شدة عنفوانها أن الكرة الأرضية صغيرة عليها .. ولهذا حَـزَمت حقائبها،
وانسحبت على أطراف أصابعها ، دون أن تـُـخبر أحدا ..
-9-
لم تكن خائفة أن يقـتـلها الوطن ولكنها كانت خائفة على الوطن أن يقتل نفسه ..
-10-
كسحابة حبلى بالشعر ..
نَـقــَّـطـَـت فـوق دفاتري
ن..... وعسلا .. وعصافير..
وياقـوتا أحمر ..
ونقطت فـوق مشاعري
قلوعا .. وطيورا بحرية
وأقمار ياسمين .
بعد رحيلها ،
بدأت عصورُ العطش
وانتهى زمن الماء ..
-11-
كان حبها العراقي
له طعم الورد .. وطعم الجمر ..
وكان إذا فاض في موسم الربيـع كسر جميع السدود ..
وكسرني عشرين ألـف قطعه..
-12-
أسست معها في 5 آذار 1962
أول مدرسة للعشق في بغداد
وعندما سقطت بلقيس في 15/12/1981
استقال المعلمون والمعلمات
وهرب التلاميذ
وتأجلت دراسة الحب ..
إلى أجـلٍ غير مسمى ...
-13-
قبل أن يتركني شعرها الذهبي ويسافـر ..
لم أكن أعرف أبدا
أن من بعض هوايات العصافـير ..
تجميع سبائك الذهب ..
-14-
بعد رحيل بلقيس
لن يكبر الشجر
ولن يستدير القمر
ولن يشتعل الماء...
يتبع